وجوه لا تغيب: على مبارك أبو التعليم ومبدع الخطط التوفيقية
الذكرى الخالدة تظل باقية وبازغة مهما مر عليها من سنين، هكذا سيرة أبوالتعليم فى مصر ممتدة ومتجددة واسمه يدل على الريادة والإرادة وأن العزيمة والتصميم على النجاح تصنع المعجزات مهما كانت مرارة ومتاعب ومعاناة النشأة وضيق وذات اليد فقد كان مؤرخاً ومترجماً وكاتباً تربوياً ومصلحاً، نباهته وذكاؤه جعله يسبق عصره بما تركه من مآثر فى بر مصر فقد كا ن نابغة عصره وزمانه وله من اسمه نصيب فى صناعة العلم والمعرفة.. ولد فى قاع الريف المصرى.. مولده جاء بعد حملة نابليون بونابرت بنحو 22 عاماً.. ومن القصص التى رواها الحكاءون عن الحملة الفرنسية نهض داخله الحس الوطنى خاصة فى الحفاظ على مخطوطات الوطن وأصابه الحزن لأن جزءاً مهماً من تاريخ الوطن نهب ثم نُقِل إلى باريس وبه كنوز الأجداد من الكتب والمخطوطات التى تركوها.. ودار بخلده كيف لا نعيد تراثنا لابد أن ننشئ ما يجب أن نحافظ فيه على كنوز التراث ولملم ما بقى فى أرض مصرنا العزيزة.. نحافظ على ذاكرة الوطن هكذا قاد على باشا مبارك مشروعه الهندسى والتعليمى والمعرفى والتوعوى.. كان موسوعة علم وفن وتاريخ وهندسة وثقافة.. ولا أعتقد أن هناك مصريًا صغيراً أم كبيراً عاملاً أم مثقفاً لم يتأثر بما تركه على باشا مبارك.. فإذا نظرنا إلى ذاكرة مصر وحفظها لابد أن نقول على باشا مبارك مر من هنا.. هندس شوارع مصر والقاهرة ووثق جغرافيتها وتاريخ شوارعها.. وإذا عرجنا إلى ريفنا العظيم نجده هناك فى قراه ونجوعه موثقاً ومؤرخاً ومعلماً.. إذا مررنا بدروب القاهرة سنجده ترك أثراً خالداً.. لو مررنا على ترع النيل سنجده هناك وعند القناطر الخيرية نجد بصماته وفى وزارات الأشغال والرى والمعارف والزراعة لم يغب عنها.. منذ مولده فى 1824 ووفاته فى 14 نوفمبر 1893
أنشأ الـ«مكتبخانة» ودار الكتب.. وفى درب الجماميز حفظ ذاكرة الوطن وكنوزه.. لم يكن والده البسيط فى القرية المجهولة فى ذلك الزمان «برنبال» وفى بعض الكتب تنطق «برمبال» يتخيل أن ابنه الذى ألحقه بالكتاب عند شيخه «الضرير» المعروف بالغلظة فى المعاملة ينتقل منه إلى شيخ آخر فى قرية أخرى «عرب السماعنة» الشيخ أحمد أبوخضر الذى كانت عصاه أشد قسوة من شيخه الأول فى بداية لا تبشر بنبوغ فتى بقرية بعيدة عن المدينة.. ليهرب إلى مدينة المطرية حيث مهنة الصيد عند خالته.. وأمام رحلة التنقل والترحال يبتسم له الحظ ليصل إلى مدرسة قصر العينى مخالفاً أمل والده حيث عائلته من برمبال معروف أنها عائلة المشايخ وفى المدرسة التى يختارون منها النابهين والمتفوقين «الخانقاه» اختير منها إلى مدرسة قصر العينى قبل إخلائها فى عهد محمد على لتكون كلية الطب وأهله نبوغه إلى الالتحاق بالمهندسخانة «كلية الهندسة الآن».
وفى المهندسخانة وقع اختيار سليمان باشا الفرنساوى على الفتى على لمرافقة أنجال محمد على باشا وأحفاده لبعثة علمية فى باريس عام 1844 بعد نحو 39 عاماً من توليه الحكم فى مصر.. لكن عام 1848 عادت البعثة من باريس ومكتسبة للعلوم العسكرية وكسب خلالها اقترابه من الخديو إسماعيل وعدد من أبناء وأحفاد محمد على.. وبعد 4 سنوات ومرور 14 عاماً على الفتى على باشا مبارك بين رحلته فى البداية التعليمية من الكتاب إلى القصر العينى إلى أبى زعبل إلى بولاق وغيرها ومن باريس إلى القاهرة.. حياة كثيرة تغيرت فى النهر ومهام كثيرة تولاها الرجل من مدرس فى طرة إلى خبير سفن لتسهيل عبور المراكب بالقناطر الخيرية.. وعندما أنشأ عباس حلمى الأول مدرسة «المفروزة» لتعليم أبناء النخبة تم اختياره ليتواصل بعد ذلك العمل مع سعيد باشا وترسخ التعليم فى ذهنه كأداة للرقى والتقدم فى المجتمعات.. ليكون له دور فى إصلاح التعليم فى مصر ليس للذكور بل كان وراء إنشاء أول مدرسة لتعليم البنات فى بر مصر.. صحيح لقب بأبوالتعليم وأبو المعارف لكن كثيرين يرون أنه من الظلم أن يحمل هذا اللقب حيث إنه علامة مضيئة نبغت ولمعت فى دار العلوم ومسيرتها والاهتمام بالمعلمين وبرزت أعماله المضيئة بصمات مميزة فى عالم كان يتحسس الطرق نحو التقدم قبل قرنين من الزمان فسبق عصره مع على باشا مبارك القادم من قاع الريف إلى الأضواء فى باريس ثم العودة إلى القاهرة..
فى مسيرة طويلة مهمة يقرأها الجيل الحالى فى أعماله العظيمة التى بدأها ومازالت تتحدث باسمه.. فمن منا لم يقف عند الخطط التوفيقية بأجزائها العشرين التى سار فيها على خطى المقريزى.. وفى الأجزاء العشرين التى أتمها وصححها رفيقه محمد الحسينى الذى يعتبر خادم تصحيح العلوم ما بين عامى 1888 و1889 وهو الذى قدم لها فى مقدمة رصينة ضمت فى ثناياها كلمات رفيعة المستوى وهى دائرة معارف لخطط مصرى وآثارها وجغرافيتها وتاريخها وفيها وضع فلسفته فى النهضة الثقافية والتعليمية ونجح مبارك باشا أن يجعل التعليم قاطرة للتقدم وتحرير المجتمع من التخلف وتنبهت الأسرة الملكية «المتمصرة» وحاول البعض إجهاض تجربته ودلالاتها لكنه كان قد رسخ لديه بخبرته المدنية والعسكرية بعد أن حمل بعد بعثة «متسى» لقب «يوزباشى». إن التعليم استثمار اجتماعى ذو أهداف عديدة للمجتمع الحديث من محو الأمية إلى الكتاتيب إلى المدارس التى نراها الآن.. وحقق على باشا مبارك ذلك فى دار العلوم التى تحولت إلى كلية «دار العلوم» .
وبعدها أنشأ مدرسة الألسن والمهندسخانة ودار الكتب وغيرها من مراكز العلم ونشره التى بها حقق على باشا مبارك تجربته فى بر مصر ليسجل نموذجاً مميزاً فى البحث عن التقدم بروح شاب تمرد على واقعه الريفى وفقره وعوزه ليصمم بإرادة نابغة للوصول إلى أعلى المراتب ويتولى نظارة عدد من الوزارات منها الأشغال والمعارف والسكك الحديد والقناطر الخيرية.
النشأة
فى عام 1823 فى قرية برمبال بمحافظة «الدقهلية» والقريبة من منية النصر ودكرنس.. ولد على باشا مبارك وتقول سيرته الذاتية كما كتبها على باشا مبارك بنفسه ولدت فى قرية برمبال الجديدة عام 1229هـ 1823 ميلادية.. والده مبارك بن مبارك بن سليمان بن إبراهيم الروحى.
وعائلتى والكلام من مخطوطة على باشا نفسه والتى سجلها محمد درى بك الحكيم عُرفت بعائلة المشايخ وتفرقت فى ربوع البلاد ما بين قرية الحمادية وعرب «السماعنة» بالشرقية.
وكان والده متفقها فى الدين وأحبه أهل قريته وجعلوه إماما.. وأثناء ولادته بعد سنوات سلمه والده لشيخ يدعى أحمد أبوخضر لحفظ القرآن وختامه.. وكان لى سبع شقيقات ولم يكن لوالدتى من الذكور غيرى.. وتزوج والده 3 زيجات وله أولاد منهن.. أحدهن مصرية والأخرى تركية والثالثة أفريقية برغم قلة الزاد.. ويقول على باشا مبارك: «كنت فى غالب الأيام أبيت طاويا من الجوع.. فهربت إلى المطرية عند المنزلة.
وفى المطرية أصيب بالكوليرا.. وعالجه أحد أبناء القرية لمدة 40 يوماً على أنه يتيم مقطوع عن أهله.
فى هذه الأثناء لم يكف والده من البحث عنه وعندما علم على باشا ان والده وصل إلى المطرية هرب منها إلى منية طريف قبل ان يعود طواعية إلى برمبال.. وقال لوالده ان شيخى لم استفد منه إلا الضرب.
وألحقه والده بعمل لدى كتبة المساجين وكان يتكسب منه لما يأخذه من الأهالى «رشاوى» فتركه وعمل فى مأمورية أخرى بـ«50 قرشا».. وفى الأخيرة دبر له مكيدة واخلى والده سبيله فى منيا القمح.
الالتحاق بقصر العينى
.. وفى عام 1835م- 1250هـ اختير على باشا مبارك بمدرسة قصر العينى ثم نقل إلى أبى زعبل بعد إخلاء مقر قصر العينى لكلية الطب وبعدها تم اختياره فى بعثة من محمد على مع أنجاله لبعثة إلى باريس بحضور سليمان باشا الفرنساوى.
فى باريس
فى باريس كان نصيبه من البعثة مبلغ 250 قرشاً فجعل نصفها لأهله يصرفون منها والباقى له فى باريس يعيش منه ويتعلم.
وفى العاصمة الفرنسية زار البعثة إبراهيم باشا سرعسكر الديار المصرية وقتها ورافقه ابن ملك فرنسا وعدد من المشاهير وأثنوا على أنجال وأحفاد محمد على باشا وعلى الطالب النابغة على باشا مبارك.
وعام 1848 مع تولى عباس حلمى الأول عادت البعثة إلى القاهرة وهنا تحركت الأيام مع على باشا مبارك حيث أسندت إليه أعمال لم تحمل له الطموح والإرادة التى جاء بها من باريس ولا يتذكر منها إلا وجه والدته -عندما عاد من البعثة بعد فراق- وهى تراه ببدلته الميرى ووجهه الذى تغير كثيرا إلى الأفرنجى وأغمى عليها من الفرحة وهى تتحسس بدلة ابنها الموشاة بالسيف والكسوة التشريفية التى زغللت عيونها الدامعة وهى تحتضن ابنها العائد ليتولى بعدها وظيفة فى مدارس طرة إلى خبير فى القناطر وعاش مرحلة صعود وهبوط لم تخل من الوشايات.
وفى عام 1863 تولى الخديو إسماعيل رفيقه فى البعثة قبل 16 عاماً فى باريس.. وكان على باشا القريب منه قد قرأ أثناء البعثة أحلامه وطموحه بتحويل مصر إلى قطعة من أوروبا.. وفعلا تعانقت طموحات المصلح على باشا مع الخديو إسماعيل وأحلامه وانطلق مبارك ليخرج من جعبة أفكاره آثاره الخالدة الكتبخانه «دار الكتب».
دار الكتب
عندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر 1798 وضع قائدها نابليون بونابرت خطة أبرزها الاستفادة من حضارة مصر التى أقامت أقدم حضارة فى صعيدها على نيلها العظيم.. وأيضاً اغتنام الفرص للسطو على كنوز المعرفة فيها من كتب وداووين.. وأطلق جنوده إلى المساجد والكنائس للاستيلاء على كل ما يصلون إليه من أوراق قديمة كان يعلم فى داخله مع قيادات الحملة أنها تعنى الكثير فى بلد العقول والحضارات بناة الأهرام.. هذه الصورة كانت فى ذهن «ابن برمبال» على باشا مبارك عندما وطئت قدماه عاصمة النور.. وعندما ذهب مع أنجال وأحفاد محمد على إلى المكتبة الوطنية فى باريس وهو يتجول بين محتويات واحدة من أهم مكتبات العالم.. وعندما عاد وجد أن كتبه تباع فى كراتين مهملة لباعة الروبابيكيا فى أسواق بولاق.. وبين مكتبة باريس وكراكيب الكتب فى بولاق وكنوز مصر المهملة من المعرفة فكر فى إنشاء مكتبة لمصر وفى 23 مارس 1870 جاء فرمان إنشائها وولدت دار الكتب «الكتبخانة» بقرار من الخديو.. وعلى خطى بونابرت دار صاحب أول أطلس مصرى حديث على المساجد والمدارس القديمة والتكايا وجمع مؤلفات العلماء الأجانب وأودع ذلك كله فى مقر الكتبخانة فى مقرها الأول فى قصر الأمير مصطفى فاضل فى درب الجماميز ليحفظ كنوز الكتب المصرية والأجنبية.. ونجح فى حفظ ذاكرة مصر.
أبو المعارف
وبعد فترة قليلة من إنهاء مهمته الأولى والمهمة وهى إنشاء دار الكتب برزت أمامه فكرة دار العلوم وبالفعل نفذها فى دار الكتب أولاً بإعداد قاعة للمحاضرات بين جنبات الكتبخانة يلقى فيها نوابغ مصر وضيوفها محاضراتهم للتوعية والمعرفة فى ذلك العصر فى كافة العلوم الدينية والأدبية والعلمية.. وطرق باب القاعة إسماعيل باشا الفلكى والمؤرخ هنرى البروكش المتخصص فى علوم النبات وعالم الأبنية فرانس باشا ومسيو فيدال فى المتخصص فى السكك الحديدية والأديب الشيخ حسين المرصفى.. وكان يفد إلى المكان متخصصون فى الأدب والفقه والحديث وجمهور ليس قليلاً من منتسبى الأزهر الشريف وداووين الحكومة الباحثون عن التزود بالمعارف الحديثة.
وفى فكر النهضة عند مبارك باشا وهو الذى تعلم الفرنسية بسرعة خلال البعثة مع أحفاد وأنجال محمد على وأتقنها فكر فى مدرسة للألسن تدرس اللغات وضمها إلى دار العلوم.. وفتح أمام الدارسين فرصة لتعلم اللغتين الفرنسية والإنجليزية وارتفع عدد الطلاب إلى نحو 100 عام 1895.
الخطط التوفيقية «أطلس على باشا»
تعد الخطط التوفيقية أحد الأعمال البارزة التى انكب على باشا عامين لإنجازها وكانت فكرتها التى جاءت فى 20 جزءاً أشبه بأطلس حديث بمعالم موثوقة عن خريطة القطر المصرى تضم المعلومات عن المدن والحضر والقرى والنجوع فى بر مصر.. فوفقاً لما جاء فى هذه الخطط لن تجد بحثاً مصرياً من العهد الفاطمى حتى الخديو توفيق يخلو من هذه الكلمة «التوفيقية» وفى مكتب أى باحث تاريخى سيلفت النظر مجلدات بن إياس بجوار خطط المقريزى الذى يعد الأخير المرشد المثالى لعلى باشا مبارك ومع الجبرتى والخطط التوفيقية شكلت فى مجملها اكتمالاً للأطلس المهم فى مصر حول بلدانها ومعلومات مكثفة عنها.
كان الخديو إسماعيل قريباً من على باشا ويمكن القول إنه عقله الذى يفكر.. ونظراً لما قالته ٍأقلام غربية حول مصر التى كان النيل يغزوها والقاهرة وشوارع كثيرة كانت تعد امتداداً لنهر النيل فى مواقع باتت اليوم أحياء كاملة ومنها ميدان رمسيس وباب البحر وغيرها والزاوية الحمراء فى حين كان فيضان النيل يتسبب فى ظهور الباعوض وهذا جعل الأقلام الغربية تقول القاهرة عاصمة «الباعوض» فكرة إلغاء شعار «عاصمة الناموس».. وبدأت تكبر ويفندها على باشا للخديو وبعد زيارة لباريس وعودته أسند لرفيقه على باشا إدارة ديوان الأشغال العمومية كما أسند لنوبار نظارة الوزارة.
بدأ التخطيط للشوارع الحديثة الواسعة والميادين الواسعة وبناء البنايات الحديثة والقصور فى الأحياء الجديدة.. ووقتها شهدت القاهرة أول مشروع للصرف الصحى والمجارى وشبكات للإنارة بالغاز وردم البرك للقضاء على الباعوض وأزيلت الأماكن التى كانت تسيئ لوجه العاصمة.. وباتت القاهرة كما طمح إسماعيل «باريس الشرق».. وتحولت البرك إلى حدائق تسر الناظرين والسائرين والزائرين وغابت مستنقعات المياه وبركها تماماً وأصبح لها مداخل جميلة.
أول مدرسة للبنات «السنية»
واهتمام على باشا مبارك بالتعليم كان وراء إنشاء أول مدرسة للبنات ضمن مشواره لتحسين التعليم مستغلاً مبانى الأوقاف المهجورة وأصلح حال المعلمين ورتب مناهج العلم.. لم تكن محاولته لإنشاء مدرسة للبنات هى الأولى فقد سبقه كثيرون ولم يفلحوا وكانت هناك محاولة سبقه إليها البابا كيرلس الرابع «1861-1854» فى الأزبكية وحارة السقايين للفنون والخياطة واللغات والطبخ.
ونظراً لأن زوجة الخديو إسماعيل التى كانت لوحة من الجمال والرقى الاجتماعى جشم آفت هانم أوعزت للخديو بالرغبة بإنشاء مدرسة تحمل اسمها.. وسواء كانت رغبتها أو رغبة الخديو فإن على باشا هو صاحب الفضل الذى تحمس للفكرة ونفذها وهنا ترجم دعوة رفاعة الطهطاوى بتعليم البنات فى كتابه «المرشد الأمين للبنات والبنين» وفى عام 1873 تم إنشاء مدرسة السيوفية وحضرت جشم آفت هانم للمدرسة ومعها زوجات الخديو وقرينات الأمراء وهى التى عرفت عام 1891 بالمدرسة السنية التى انضم إليها الفتيات من سليلات رموز المجتمع ومنها خرجت أول مظاهرة نسائية مع هدى هانم شعراوى لتأييد ثورة 1919.
زواج على مبارك
فى كتابه «حياتى» يقول تزوجت ابنة معلمى فى الرسم فى مدرسة أبى زعبل وكان مدرسه قد توفى وبقيت الفتاة فى حالة من الفقر المدقع فتزوجها لأن والدها كان قد قدم له معروفاً مهماً فى رحلته مع العلم والتعليم.. وبعد وفاتها تزوج من فتاة قريبة أحمد باشا طوبقال وكانت ذات مال وعقارات وبعد وفاة والدتها أصبحت فى عهدة زوج أمها الذى تزوج بأخرى كانت ذات سيطرة على هذه الفتاة وعكرت هذه السيدة صفو حياة على باشا وزوجته واتهمته بالاستيلاء على أموالها وعندما ظهرت براءته تركها متنازلاً عن كل شىء لها.. ويشير الباحثون وبينهم د.إبراهيم بيومى غانم عن أوقاته أنه كان يمتلك 330 فدانًا كان قد منحه له عباس باشا إضافة إلى 30 فداناً اشتراها هو بنفسه كميراث مشترك لأبنائه وأوقف 300 فدان لأعمال الخير.
عرابى وعلى باشا.. «خيانة أم ولاء»
تحدثت روايات كثيرة عن موقف على باشا مبارك من ثورة الزعيم أحمد عرابى.. لا أحد ينكر أن على باشا مبارك أشبه بمن ولد بباب الخديو إسماعيل وأخلص لكل أبنائه حسب منهجه فى إصلاح الدولة ونهضة العلم فقد كان عقل إسماعيل الخديو والناصح الأمين وارتبط مع توفيق بعلاقة قوية الأمر الذى جعله ينسب أهم مؤلفاته «أطلس مصر» إلى اسمه «الخطط التوفيقية» وكان يرتبط به ارتباطاً وثيقاً.. ومن هنا ينظر بعض المؤرخين إلى موقفه على أنه ولاء للخديو وليس خيانة للزعيم أحمد عرابى.
ويرى البعض من المؤرخين أن الخديو توفيق أوعز لعلى باشا بوأد الفتنة وما أسماه بالعصيان ويروى جانبًا من ذلك محمود الخفيف المؤرخ المعروف فى كتابه عن «عرابى» وفى إشارة إلى أن على باشا مبارك انخرط فى محاولات الصلح بين الخديو وعرابى عبر لجان تقوم بهذه المهمة بينهما وضمن المؤرخ محمود الخفيف ما جاء فى بعض مراسلات كارترين نائب قنصل الاسكندرية وجرانفيل وزير خارجية بريطانيا قبل إن اسم على باشا مبارك ورد فى المراسلات وعلاقته القوية مع البدو وكان مبارك قد شغل وزارة الأشغال فى وزارة رياض باشا ووصل الإسكندرية وأشارت إلى أن عرابى انضم إليه عدد كبير من المتطوعين.. وبدأت الدسائس بين البدو وعرابى.. وفى أحد الرسائل أشارت إلى أن على باشا مبارك الذى أوعز إلى إجراء الصلح.. ولكن شاءت الأقدار ألا يتم.. ومن هنا انقسم البعض حول رسائل على باشا بين توفيق وعرابى.. وموقفه المؤيد للخديو هل هو ولاء أم خيانة.. وكأنه يردد بيت أمير الشعراء أحمد شوقى:
أأخون إسماعيل فى أبنائه.. ولقد ولدت بباب إسماعيلا
مؤلفاته العامة
قدم على باشا مبارك عدداً من المؤلفات العامة التى تعد إرثاً تنويرياً خلال مسيرة حياته منها:
> الخطط التوفيقية التى حذا فيها طريق المقريزى فى خططه وهى عبارة عن 20 جزءاً.
> علم الدين «قصة فى ثلاثة مجلدات»
> حقائق الأخيار فى أوصاف البحار.
> خواص الأعداد.
> نخبة الفكر فى نيل مصر.
> تذكرة المهندسين.
> جغرافية مصر.
> الميزان فى الأوقية والمكاييل والموازين.
> أشرف على ترجمة «خلاصة تاريخ العرب» للمستشرق الفرنسى سيديو.